nasser-305
عدد المساهمات : 60 تاريخ التسجيل : 14/09/2009
| موضوع: جوائز لمن يسىء للإسلام الجمعة سبتمبر 18, 2009 3:26 am | |
| | <table style="WIDTH: 100%; BORDER-COLLAPSE: collapse; HEIGHT: 16px" id=ctl00_ContentPlaceHolder2_DetailsView1 border=0 cellSpacing=0><tr><td colSpan=2 align=middle> </TD></TR> <tr><td colSpan=2>جائزة أم جريمة ...
وجدان العلي
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضَحِكٌ كالبُكَا!!
هكذا ترنم أبو الطيب مُتَهَكِّمًا في زمنٍ غابر، عندما نَكِرَتْ نفسُه ما رأته عينه من أمورٍ ملونةٍ من المكر والدهاء والخسة، وتحرر الأزمان من ميزان قسط، تعتدل به الأمور، وتستقيم به الحياة!
وقد أطل بيت أبي الطيب أمام عينَيَّ بسخريته الباكية، ودموعِه المتحدرة على وجنات بسمته الساخرة، حينما أُعْلِنَ عن فوز الكاتب الماركسي الدكتور سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، والتي تقترب من ربع مليون جنيه مصري!
والقلم يحار في وصف هذا العبث الكائد، والمكرِ الحاقد على الدين وشرائعه، عندما يُبَجَّلُ مَنْ يطعن فيه، ويهدمه، ويَدَّعِيه خرافة وأسطورةً نُسِجَتْ في كهوف الآباد!
ولم يكن الأمرُ قاصرًا على عداءٍ نافِرٍ من هذا الدين العظيم وشرائعه الْمُحْكَمَةِ، ونَبِيِّهِ المبجل صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما تعانَقَ مع هذا العداء سفولٌ في العرض، ومَسْخٌ في الفكر، وسَبٌّ يهدر خبثا ومَكْرًا وجهالةً، فكان ضِغْثًا على إبَّالة!
فلربما وجدتَ عَدُوًّا للدين يطرح فيما يطرح شيئًا له وجاهته، أو لا ينكره عاقِلٌ، من فكرةٍ تروقُ للنفس، ولا تأباها الفِطَرُ..ولكن أن يكون العداء ضَرْبَةَ لازبٍ، خاليًا من نقطةٍ تَثْبُتُ عليها الآراء، أو من منطقٍ – ولو تجوزًا- أعوج، أو من بيان يتألق بلاغةً؛ فإن تكريمه يكون إهانةً للفكر قبل أن يكون عداءً للدين العظيم، وطَمْسًا للإنسانية في بنيانها الشامخ، وجوهرها الفَذِّ الفريد؛ فِكْرًا وأدبًا وإبداعًا..
ومتى كانت السَّمَادِيُر السوداء فكرًا يُكَرَّمُ عليه صاحبه، ويُدْعَى إلى مِنَصَّةِ الاحتفاء والتبجيل، ويُعْطَى من مال الشعب المسلم ما يقارب الربع مليون في احتفال مُسَيَّجٍ بالجلال وصخب التصفيق؟!
آلذي يتهم الإسلام بأنه دين مزور، وأن النبوة خديعة اخترعها عبد المطلب الذي استلبها من اليهود في إطار صراعه مع الأمويين للسيطرة على قريش، ويصم الخلافة بالظلامية والاستبداد، ويقدح في العرب ويصب عليهم كل مثلبة، ويجعل المجد لمصر الفرعوينة التي أرست دعائم الخير والحب، في مقابل مصر الإسلامية التي لونت تاريخها بالدم والاستبداد..أهذا يرفع ويتوج تاج التكريم، ويقال له: شكرًا أيها الباحث المفكر..هذه أموالنا من جيوبنا، خالصة لك؟! كأنما يترنمون ببيت كثير عزة:هنيئًا مريئًا، غيرَ داءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ من أعراضِنَا ما اسْتَحَلَّتِ!!
نعم إنه عرض استُحِلُّ، ونال صاحب الفكر الْمُشْرِق الوهَّاج(!) حصاد قلمه الذي أقام دعائم الحضارة، ونشر التنوير وفضح الظلاميين!!كلام الإفك مثل فحيح أفعى لها لَدْغٌ ومَلْمَسُها رقيقُ تفلسفت الحمير فقيل: علمٌ فرد العقل: بل هذا نهيقُ!!
إن ميدان الثقافة والفكر واللغة، هو ميدان الوجود الفاعل لأي أمةٍ تريد أن تكون لها منزلةٌ ومكانة بين العالمين، وإذا ما تداعَتْ هذه الدعائم، وتهاوتْ في حمأة التخلف، تنتكس الأمة، وتعود إلى تابوت القعود.
إن من الواجب على كُلِّ من يريد لنفسه ولأمته خيرًا، أن ينهض بقلمه وفكره وأسلوبه، وألَّا يَظُنَّ أن هذا المجال من زوائدِ الحياة؛ لأن غيرنا يمدون أسنان أقلامهم المنحرفة؛ لينشروا على الناس باطِلَهُم الذي هو الباطل، ولا يزالون بالناس إلحاحًا عليهم بالفكر العَفِن، والطَّرْحِ الْمُعْوَجِّ، حتى يؤسسوا لأنفسهم تيارا له أتباعه وسدنته ، ودهاقينه القائلون به ، والداعون إليه..بينما يتثاءب القلم الذي ينبغي أن يكون له التمكين، وينزوي بعيدًا في زاوية صمته..فتذبل سحنته، ويبهت رَقْمُهُ، وتصفر دفاتره، بينما يعلو الآخر بِخَيْلِه ورَجْلِهِ ومزاميره وحَمَلَةِ مباخره، بالصَّخَبِ والمال والدعاية والبريق الزائف، والإلحاح والسعي الدائب لإقامة منبرٍ للباطل في غيبة الحق وأهله..عِشْ مجبرًا أو غيرَ مُجْبَر فالكون مَرْبُوبٌ مُدَبَّر الخيرُ يَهْمِسُ بيْنَهُم ويُقَامُ للسَّوآتِ مِنْبَرْ!
ورحمة الله على أبي العلاء!
المصدر : الإسلام اليوم </TD></TR></TABLE>
| | | <table style="WIDTH: 100%; BORDER-COLLAPSE: collapse; HEIGHT: 16px" id=ctl00_ContentPlaceHolder2_DetailsView1 border=0 cellSpacing=0><tr><td colSpan=2 align=middle> </TD></TR> <tr><td colSpan=2>جائزة أم جريمة ...
وجدان العلي
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضَحِكٌ كالبُكَا!!
هكذا ترنم أبو الطيب مُتَهَكِّمًا في زمنٍ غابر، عندما نَكِرَتْ نفسُه ما رأته عينه من أمورٍ ملونةٍ من المكر والدهاء والخسة، وتحرر الأزمان من ميزان قسط، تعتدل به الأمور، وتستقيم به الحياة!
وقد أطل بيت أبي الطيب أمام عينَيَّ بسخريته الباكية، ودموعِه المتحدرة على وجنات بسمته الساخرة، حينما أُعْلِنَ عن فوز الكاتب الماركسي الدكتور سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، والتي تقترب من ربع مليون جنيه مصري!
والقلم يحار في وصف هذا العبث الكائد، والمكرِ الحاقد على الدين وشرائعه، عندما يُبَجَّلُ مَنْ يطعن فيه، ويهدمه، ويَدَّعِيه خرافة وأسطورةً نُسِجَتْ في كهوف الآباد!
ولم يكن الأمرُ قاصرًا على عداءٍ نافِرٍ من هذا الدين العظيم وشرائعه الْمُحْكَمَةِ، ونَبِيِّهِ المبجل صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما تعانَقَ مع هذا العداء سفولٌ في العرض، ومَسْخٌ في الفكر، وسَبٌّ يهدر خبثا ومَكْرًا وجهالةً، فكان ضِغْثًا على إبَّالة!
فلربما وجدتَ عَدُوًّا للدين يطرح فيما يطرح شيئًا له وجاهته، أو لا ينكره عاقِلٌ، من فكرةٍ تروقُ للنفس، ولا تأباها الفِطَرُ..ولكن أن يكون العداء ضَرْبَةَ لازبٍ، خاليًا من نقطةٍ تَثْبُتُ عليها الآراء، أو من منطقٍ – ولو تجوزًا- أعوج، أو من بيان يتألق بلاغةً؛ فإن تكريمه يكون إهانةً للفكر قبل أن يكون عداءً للدين العظيم، وطَمْسًا للإنسانية في بنيانها الشامخ، وجوهرها الفَذِّ الفريد؛ فِكْرًا وأدبًا وإبداعًا..
ومتى كانت السَّمَادِيُر السوداء فكرًا يُكَرَّمُ عليه صاحبه، ويُدْعَى إلى مِنَصَّةِ الاحتفاء والتبجيل، ويُعْطَى من مال الشعب المسلم ما يقارب الربع مليون في احتفال مُسَيَّجٍ بالجلال وصخب التصفيق؟!
آلذي يتهم الإسلام بأنه دين مزور، وأن النبوة خديعة اخترعها عبد المطلب الذي استلبها من اليهود في إطار صراعه مع الأمويين للسيطرة على قريش، ويصم الخلافة بالظلامية والاستبداد، ويقدح في العرب ويصب عليهم كل مثلبة، ويجعل المجد لمصر الفرعوينة التي أرست دعائم الخير والحب، في مقابل مصر الإسلامية التي لونت تاريخها بالدم والاستبداد..أهذا يرفع ويتوج تاج التكريم، ويقال له: شكرًا أيها الباحث المفكر..هذه أموالنا من جيوبنا، خالصة لك؟! كأنما يترنمون ببيت كثير عزة:هنيئًا مريئًا، غيرَ داءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ من أعراضِنَا ما اسْتَحَلَّتِ!!
نعم إنه عرض استُحِلُّ، ونال صاحب الفكر الْمُشْرِق الوهَّاج(!) حصاد قلمه الذي أقام دعائم الحضارة، ونشر التنوير وفضح الظلاميين!!كلام الإفك مثل فحيح أفعى لها لَدْغٌ ومَلْمَسُها رقيقُ تفلسفت الحمير فقيل: علمٌ فرد العقل: بل هذا نهيقُ!!
إن ميدان الثقافة والفكر واللغة، هو ميدان الوجود الفاعل لأي أمةٍ تريد أن تكون لها منزلةٌ ومكانة بين العالمين، وإذا ما تداعَتْ هذه الدعائم، وتهاوتْ في حمأة التخلف، تنتكس الأمة، وتعود إلى تابوت القعود.
إن من الواجب على كُلِّ من يريد لنفسه ولأمته خيرًا، أن ينهض بقلمه وفكره وأسلوبه، وألَّا يَظُنَّ أن هذا المجال من زوائدِ الحياة؛ لأن غيرنا يمدون أسنان أقلامهم المنحرفة؛ لينشروا على الناس باطِلَهُم الذي هو الباطل، ولا يزالون بالناس إلحاحًا عليهم بالفكر العَفِن، والطَّرْحِ الْمُعْوَجِّ، حتى يؤسسوا لأنفسهم تيارا له أتباعه وسدنته ، ودهاقينه القائلون به ، والداعون إليه..بينما يتثاءب القلم الذي ينبغي أن يكون له التمكين، وينزوي بعيدًا في زاوية صمته..فتذبل سحنته، ويبهت رَقْمُهُ، وتصفر دفاتره، بينما يعلو الآخر بِخَيْلِه ورَجْلِهِ ومزاميره وحَمَلَةِ مباخره، بالصَّخَبِ والمال والدعاية والبريق الزائف، والإلحاح والسعي الدائب لإقامة منبرٍ للباطل في غيبة الحق وأهله..عِشْ مجبرًا أو غيرَ مُجْبَر فالكون مَرْبُوبٌ مُدَبَّر الخيرُ يَهْمِسُ بيْنَهُم ويُقَامُ للسَّوآتِ مِنْبَرْ!
ورحمة الله على أبي العلاء!
المصدر : الإسلام اليوم </TD></TR></TABLE>
| |
| <table style="WIDTH: 100%; BORDER-COLLAPSE: collapse; HEIGHT: 16px" id=ctl00_ContentPlaceHolder2_DetailsView1 border=0 cellSpacing=0><tr><td colSpan=2 align=middle> </TD></TR> <tr><td colSpan=2>جائزة أم جريمة ...
وجدان العلي
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضَحِكٌ كالبُكَا!!
هكذا ترنم أبو الطيب مُتَهَكِّمًا في زمنٍ غابر، عندما نَكِرَتْ نفسُه ما رأته عينه من أمورٍ ملونةٍ من المكر والدهاء والخسة، وتحرر الأزمان من ميزان قسط، تعتدل به الأمور، وتستقيم به الحياة!
وقد أطل بيت أبي الطيب أمام عينَيَّ بسخريته الباكية، ودموعِه المتحدرة على وجنات بسمته الساخرة، حينما أُعْلِنَ عن فوز الكاتب الماركسي الدكتور سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، والتي تقترب من ربع مليون جنيه مصري!
والقلم يحار في وصف هذا العبث الكائد، والمكرِ الحاقد على الدين وشرائعه، عندما يُبَجَّلُ مَنْ يطعن فيه، ويهدمه، ويَدَّعِيه خرافة وأسطورةً نُسِجَتْ في كهوف الآباد!
ولم يكن الأمرُ قاصرًا على عداءٍ نافِرٍ من هذا الدين العظيم وشرائعه الْمُحْكَمَةِ، ونَبِيِّهِ المبجل صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما تعانَقَ مع هذا العداء سفولٌ في العرض، ومَسْخٌ في الفكر، وسَبٌّ يهدر خبثا ومَكْرًا وجهالةً، فكان ضِغْثًا على إبَّالة!
فلربما وجدتَ عَدُوًّا للدين يطرح فيما يطرح شيئًا له وجاهته، أو لا ينكره عاقِلٌ، من فكرةٍ تروقُ للنفس، ولا تأباها الفِطَرُ..ولكن أن يكون العداء ضَرْبَةَ لازبٍ، خاليًا من نقطةٍ تَثْبُتُ عليها الآراء، أو من منطقٍ – ولو تجوزًا- أعوج، أو من بيان يتألق بلاغةً؛ فإن تكريمه يكون إهانةً للفكر قبل أن يكون عداءً للدين العظيم، وطَمْسًا للإنسانية في بنيانها الشامخ، وجوهرها الفَذِّ الفريد؛ فِكْرًا وأدبًا وإبداعًا..
ومتى كانت السَّمَادِيُر السوداء فكرًا يُكَرَّمُ عليه صاحبه، ويُدْعَى إلى مِنَصَّةِ الاحتفاء والتبجيل، ويُعْطَى من مال الشعب المسلم ما يقارب الربع مليون في احتفال مُسَيَّجٍ بالجلال وصخب التصفيق؟!
آلذي يتهم الإسلام بأنه دين مزور، وأن النبوة خديعة اخترعها عبد المطلب الذي استلبها من اليهود في إطار صراعه مع الأمويين للسيطرة على قريش، ويصم الخلافة بالظلامية والاستبداد، ويقدح في العرب ويصب عليهم كل مثلبة، ويجعل المجد لمصر الفرعوينة التي أرست دعائم الخير والحب، في مقابل مصر الإسلامية التي لونت تاريخها بالدم والاستبداد..أهذا يرفع ويتوج تاج التكريم، ويقال له: شكرًا أيها الباحث المفكر..هذه أموالنا من جيوبنا، خالصة لك؟! كأنما يترنمون ببيت كثير عزة:هنيئًا مريئًا، غيرَ داءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ من أعراضِنَا ما اسْتَحَلَّتِ!!
نعم إنه عرض استُحِلُّ، ونال صاحب الفكر الْمُشْرِق الوهَّاج(!) حصاد قلمه الذي أقام دعائم الحضارة، ونشر التنوير وفضح الظلاميين!!كلام الإفك مثل فحيح أفعى لها لَدْغٌ ومَلْمَسُها رقيقُ تفلسفت الحمير فقيل: علمٌ فرد العقل: بل هذا نهيقُ!!
إن ميدان الثقافة والفكر واللغة، هو ميدان الوجود الفاعل لأي أمةٍ تريد أن تكون لها منزلةٌ ومكانة بين العالمين، وإذا ما تداعَتْ هذه الدعائم، وتهاوتْ في حمأة التخلف، تنتكس الأمة، وتعود إلى تابوت القعود.
إن من الواجب على كُلِّ من يريد لنفسه ولأمته خيرًا، أن ينهض بقلمه وفكره وأسلوبه، وألَّا يَظُنَّ أن هذا المجال من زوائدِ الحياة؛ لأن غيرنا يمدون أسنان أقلامهم المنحرفة؛ لينشروا على الناس باطِلَهُم الذي هو الباطل، ولا يزالون بالناس إلحاحًا عليهم بالفكر العَفِن، والطَّرْحِ الْمُعْوَجِّ، حتى يؤسسوا لأنفسهم تيارا له أتباعه وسدنته ، ودهاقينه القائلون به ، والداعون إليه..بينما يتثاءب القلم الذي ينبغي أن يكون له التمكين، وينزوي بعيدًا في زاوية صمته..فتذبل سحنته، ويبهت رَقْمُهُ، وتصفر دفاتره، بينما يعلو الآخر بِخَيْلِه ورَجْلِهِ ومزاميره وحَمَلَةِ مباخره، بالصَّخَبِ والمال والدعاية والبريق الزائف، والإلحاح والسعي الدائب لإقامة منبرٍ للباطل في غيبة الحق وأهله..عِشْ مجبرًا أو غيرَ مُجْبَر فالكون مَرْبُوبٌ مُدَبَّر الخيرُ يَهْمِسُ بيْنَهُم ويُقَامُ للسَّوآتِ مِنْبَرْ! </TD></TR></TABLE>
|
جائزة أم جريمة ...
وجدان العلي
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضَحِكٌ كالبُكَا!!
هكذا ترنم أبو الطيب مُتَهَكِّمًا في زمنٍ غابر، عندما نَكِرَتْ نفسُه ما رأته عينه من أمورٍ ملونةٍ من المكر والدهاء والخسة، وتحرر الأزمان من ميزان قسط، تعتدل به الأمور، وتستقيم به الحياة!
وقد أطل بيت أبي الطيب أمام عينَيَّ بسخريته الباكية، ودموعِه المتحدرة على وجنات بسمته الساخرة، حينما أُعْلِنَ عن فوز الكاتب الماركسي الدكتور سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، والتي تقترب من ربع مليون جنيه مصري!
والقلم يحار في وصف هذا العبث الكائد، والمكرِ الحاقد على الدين وشرائعه، عندما يُبَجَّلُ مَنْ يطعن فيه، ويهدمه، ويَدَّعِيه خرافة وأسطورةً نُسِجَتْ في كهوف الآباد!
ولم يكن الأمرُ قاصرًا على عداءٍ نافِرٍ من هذا الدين العظيم وشرائعه الْمُحْكَمَةِ، ونَبِيِّهِ المبجل صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما تعانَقَ مع هذا العداء سفولٌ في العرض، ومَسْخٌ في الفكر، وسَبٌّ يهدر خبثا ومَكْرًا وجهالةً، فكان ضِغْثًا على إبَّالة!
فلربما وجدتَ عَدُوًّا للدين يطرح فيما يطرح شيئًا له وجاهته، أو لا ينكره عاقِلٌ، من فكرةٍ تروقُ للنفس، ولا تأباها الفِطَرُ..ولكن أن يكون العداء ضَرْبَةَ لازبٍ، خاليًا من نقطةٍ تَثْبُتُ عليها الآراء، أو من منطقٍ – ولو تجوزًا- أعوج، أو من بيان يتألق بلاغةً؛ فإن تكريمه يكون إهانةً للفكر قبل أن يكون عداءً للدين العظيم، وطَمْسًا للإنسانية في بنيانها الشامخ، وجوهرها الفَذِّ الفريد؛ فِكْرًا وأدبًا وإبداعًا..
ومتى كانت السَّمَادِيُر السوداء فكرًا يُكَرَّمُ عليه صاحبه، ويُدْعَى إلى مِنَصَّةِ الاحتفاء والتبجيل، ويُعْطَى من مال الشعب المسلم ما يقارب الربع مليون في احتفال مُسَيَّجٍ بالجلال وصخب التصفيق؟!
آلذي يتهم الإسلام بأنه دين مزور، وأن النبوة خديعة اخترعها عبد المطلب الذي استلبها من اليهود في إطار صراعه مع الأمويين للسيطرة على قريش، ويصم الخلافة بالظلامية والاستبداد، ويقدح في العرب ويصب عليهم كل مثلبة، ويجعل المجد لمصر الفرعوينة التي أرست دعائم الخير والحب، في مقابل مصر الإسلامية التي لونت تاريخها بالدم والاستبداد..أهذا يرفع ويتوج تاج التكريم، ويقال له: شكرًا أيها الباحث المفكر..هذه أموالنا من جيوبنا، خالصة لك؟! كأنما يترنمون ببيت كثير عزة:هنيئًا مريئًا، غيرَ داءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ من أعراضِنَا ما اسْتَحَلَّتِ!!
نعم إنه عرض استُحِلُّ، ونال صاحب الفكر الْمُشْرِق الوهَّاج(!) حصاد قلمه الذي أقام دعائم الحضارة، ونشر التنوير وفضح الظلاميين!!كلام الإفك مثل فحيح أفعى لها لَدْغٌ ومَلْمَسُها رقيقُ تفلسفت الحمير فقيل: علمٌ فرد العقل: بل هذا نهيقُ!!
إن ميدان الثقافة والفكر واللغة، هو ميدان الوجود الفاعل لأي أمةٍ تريد أن تكون لها منزلةٌ ومكانة بين العالمين، وإذا ما تداعَتْ هذه الدعائم، وتهاوتْ في حمأة التخلف، تنتكس الأمة، وتعود إلى تابوت القعود.
إن من الواجب على كُلِّ من يريد لنفسه ولأمته خيرًا، أن ينهض بقلمه وفكره وأسلوبه، وألَّا يَظُنَّ أن هذا المجال من زوائدِ الحياة؛ لأن غيرنا يمدون أسنان أقلامهم المنحرفة؛ لينشروا على الناس باطِلَهُم الذي هو الباطل، ولا يزالون بالناس إلحاحًا عليهم بالفكر العَفِن، والطَّرْحِ الْمُعْوَجِّ، حتى يؤسسوا لأنفسهم تيارا له أتباعه وسدنته ، ودهاقينه القائلون به ، والداعون إليه..بينما يتثاءب القلم الذي ينبغي أن يكون له التمكين، وينزوي بعيدًا في زاوية صمته..فتذبل سحنته، ويبهت رَقْمُهُ، وتصفر دفاتره، بينما يعلو الآخر بِخَيْلِه ورَجْلِهِ ومزاميره وحَمَلَةِ مباخره، بالصَّخَبِ والمال والدعاية والبريق الزائف، والإلحاح والسعي الدائب لإقامة منبرٍ للباطل في غيبة الحق وأهله..عِشْ مجبرًا أو غيرَ مُجْبَر فالكون مَرْبُوبٌ مُدَبَّر الخيرُ يَهْمِسُ بيْنَهُم ويُقَامُ للسَّوآتِ مِنْبَرْ!
ورحمة الله على أبي العلاء! | |
|